من النادر ان تجد من لا يعرف هارلي ديفيدسون، الشركة العالمية الشهيرة في انتاج دراجات نارية قوية يسعى لها الجميع. ومن النادر ايضاً أن تجد من يسلط الضوء على بعض تجاربها الادارية كشركة، بعيداً عن قوة منتجاتها التي تغزو العالم الآن.
حسناً، في البداية دعنا نوضح أن ثمة توجّـه معروف في عالم الشركات اسمه ” تمديد العلامة التجارية Brand Extension “. في الواقع، توسيع العلامة التجارية لأي شركة هو الهدف الأول المُراد تحقيقه من وراء أي نمو ، ان تتضخم العلامة التجارية لشركة ما في مجال ما ، وتتوسع الى مجالات فرعية ، ثم الى مجالات اخرى بالكامل. تجارب الشركات العملاقة في كل مكان وزمان، تتضمن حتماً مرحلة التوسع في العلامة التجارية.
يمكن القول اذاً، ان توسيع العلامة التجارية يعني يعني أن تقوم شركة ما بإنتاج منتجات فرعيـة للمنتج الرئيس ، يقوم بزيادة الاقبـال عليه ودعم علامته التجارية بشكل أكبر ، ويوفر أيضاً مصدراً أكبر لإجمالي الايرادات التي تجنيها الشركة من منتجها الرئيس.
يبدو الامر رائعاً ومنطقياً. ما المشكلة فيه اذا؟
صحيح، للوهلة الاولى يبدو ان الامر طبيعي ومنطقي بل وضروري، توسيع العلامة التجارية لا يعني فقط نمو الشركة وقوتها، بل يعني ايضاً حمايتها من التراجع. ومع ذلك، ثمة اخطاء كبيرة تُرتكب تحت اسم ” التوسع في العلامة التجارية ” قد تكلف الشركة نتائجاً عكسية، بدلاً من دعم العلامة التجارية وتقويتها ، تؤدي الى انطفاءها وتراجعها.
الأمر في كل الاحوال خاضع للظروف، وطريقة التنفيذ!
قصة هارلي ديفيدسون مع توسيع العلامة التجارية
شركة ” هارلي ديفيدسون ” العريقة في صناعة الدراجات البخارية ، والتي تعتبر من أكبر العلامات التجارية في هذا المجال ، بدأت في التسعينـات خطة لتوسيع علامتها التجارية.
بدأت الشركة – بالتوازي مع انتاج الدراجات – في انتاج عدد كبير من الاكسسوارات ذات الصلـة بدرّاجاتها البخارية ، مثل التي شيرتات والقفّـازات وسلاسل المفاتيح واغطية الرأس ، وغيرها من الاكسسوارات التي تحتوي على علامة ” هارلي ديفيدسون ” الشهيـرة الذكـورية ذات الطابع العنيف الى حد ما.

كان هذا التوسّع ناجحاً الى حد كبير ، وجعل عمـلاء الشركة يتحوّلون الى تابعين لها ، عندما أصبحت كل الاكسسوارات الكمالية التي لها صلة بعالم الدراجات البخارية ، تحتوي على شعار ” هارلي ديفيدسون ” الشهير.
لحد الآن كانت الامور جيدة جداً، وارتفعت مستويات المبيعات والارباح للشركة الى حد ممتاز بعد هذه الخطوة.
عند هذه النقطة ، أغرى هذا النجاح الواسع الشركة بالمزيد من التوسع غير المُرشّد لعلامتها التجارية ، والذي يطلق عليه ” Brand Over Extension ” ، فطـرحت في منتصف التسعينات تشكيلة فخمة من العطـور الرجالية ، وأيضاً العديد من المنتجات الأخرى الرجالية مثل مرطّبات ما بعد الحلاقة، وغيرها من المنتجات من هذا النوع، وقامت بإنفاق ملايين الدولارات لتصنيعها والتسويق لها، ظناً من الشركة انها قادرة على اغراق الاسواق بعلامتها التجارية في كل ما هو رجالي.
النتيجة، كانت الفشل الذريع. ليس هذا فقط ، بل انتقادات واسعة من العملاء، ما الذي أقحم علامتك التجارية المتخصصة في الرياضة والدراجات البخارية واكسسواراتها ، في ادوات التجميل والحلاقة والصابون؟ حتى ان بعض العملاء ارسلوا انتقادات رسمية، يقولون ان انجذابهم للعلامة التجارية الاساسي قائم على كونها متخصصة في الدراجات واكسسواراتها ، ولا يرغبون في ان تتحول الى علامة تجارية مرتبطة بصابون الحلاقة والعطور وخلافه.
لاحقاً، وبعد شهور من الاخفاق، اتخذت الشركة قرارها الصحيح في التوقف عن انتاج العطور ومرطبات اللحية بعد الحلاقة، التي فشلت فيهما فشلاً ذريعاً في ظل ازدحام الاسواق بمنافسين اقوياء في هذا المجال، وعادت مرة اخرى للانسحاب والتركيز على منتجها الاساسي وكمالياته التي حقق اعلى بريق ممكن لعلامتها التجارية.
تجربة شركة هارلي ديفيدسون تعتبر واحدة من أشهر وأوضح الامثلة للشعـرة الفاصلة بين توسيع العلامة التجارية الذي يزيد اقبال العملاء ويشعل حماسهم أكثر للمنتج ، وبين التوسيع المبالغ فيه للعلامة التجارية الذي يجلب ضيق العملاء وانتقاداتهم.
# أرسل لنا خبراً أو مقالاً أو عرضاً لشركتك من هنا
# تابع قناتنا على يوتيوب Subscribe من هنا ، فيسبوك من هنا ، تويتر من هنا
يجب عليك تسيجل الدخول لتنشر تعليقًا Login